صوت العرب

فليعدهم ربهم بما شاء - صوت العرب

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فليعدهم ربهم بما شاء - صوت العرب, اليوم الخميس 12 ديسمبر 2024 05:28 مساءً

الخميس 12/ديسمبر/2024 - 05:22 م 12/12/2024 5:22:19 PM

   بعد سقوط دمشق الفيحاء انتشرت على صفحات التواصل وفي كثير من المنصات الإعلامية العربية شعارات انهزامية، وردّد بعضهم حديثًا بائسا يائسا روّج له العدو وأذنابه،عن قرب تحقق حلم الصهاينة التاريخي في تمديد دولتهم لتكون من النيل إلى الفرات.

أكاد أتفهم مبرر هذه المخاوف التي علا صوتها وازدادت وتيرتها خلال الأسبوع المرير الماضي، فلا جدال أن على الأرض ما يشي بتحقق الحلم المزعوم، وفينا - نحن العرب - من الوهن ما يزكي نذر الشؤم تلك، بل وللأسف الشديد صارت بعض منصاتنا الناطقة بالعربية هي من تعلي وتيرة هذه الروح الانهزامية، في أكبر خيانة فكرية نهزم بها أنفسنا قبل أن يهزمنا عدونا.

    ولأننا ابتعدنا عن ثقافتنا العربية وعن عقيدتنا فقد استسلم الكثيرون من بني العرب واستقبلوا تلك الرسائل الصهيونية بدون صد أو رد على أنها مسلّمات واجبة التحقق. فكان في هذا استسلام يزيدنا وَهنًا وتسليمًا بأمر نتعجل، بغباء بعضنا، جعله واقعًا. وفي ذات الوقت نجدنا نمنح عدونا مزيدًا من الثقة والإصرار على تنفيذ أجندته وتحقيق حلمه بدولة صهيونية كبرى تقتطع سطوتها على حساب كرامتنا قبل أراضينا.

  السؤال المُلّح الآن هو عن سبب غياب تلك الأصوات القومية المؤمنة بأن النصر آت وإن تأخر. وعن سر خفوت أصوات قُرّاء التاريخ الواثقين أن الأمم الكبرى تتعرض لانتكاسات تكاد تهدد وجودها، ولكن ولكونها أمم ذات حضارة فإنها تتجاوز أزماتها وتعيد بناء قدراتها وتتحدى نفسها مقاومة لموتها وإصرارًا على النجاة من الموت وتمسكا بإرادة الحياة.  
   ادرسوا أيها الانهزاميون تواريخ الأمم لتتيقنوا من صدق كلامي، ولكم في تاريخ شعبي المصري القديم العبرة، فمن يصدق أننا قاومنا احتلال الهكسوس قرنا كاملًا حتى صنع الشعب بطلا اسمه أحمس فاستطاع والمخلصين معه إعادة تنظيم الصفوف وبناء القدرات وانتهى الأمر بتحقيق النصر بل وطرد الهكسوس، وقطع دابرهم واستئصال شأفتهم من كتاب الحضارة وتاريخ الأمم.
    وحديثًا، حقق الكيان الغاصب نصرا في جولة يونيو ٦٧، غير أنه لم يسحق معنوياتنا، فخرج الشعب يرفض الهزيمة ويهتف في الشوارع بدون ترتيب مناديا " ح نحارب.. ح نحارب"  . حينها، أبدع هيكل في وصف ما وقع بأنه نكسة، فكانت تلك الكلمة هي التوصيف الدقيق الملهم الذي خلق لدى الشعب يقينا شديدا بأن النصر قريب، فدعم المواطن جيشه الوطني إذ عاش الكل على الكفاف وتحمل الجميع فاتورة المجهود الحربي حتى تحقق النصر المبين. 
  وإذا كان لدى الصهاينة من النصوص ما يحركهم ويغذي أحلامهم ويصنع أساطيرهم، فإن لدينا يقين لا يتزعزع وإيمان لا يفتر بأن نصر الله آت، ولكنه النصر الذي يحتاج لمقومات ويتأسس على قاعدة الاستعداد  والأخذ بأسباب القوة. تلك هي المقدمات، أما النتيجة التي لا ريب فيها فهي نصر من الله لعباده العاملين  . 
   فليعدهم ربهم أو بالأحرى شيطان غرورهم بما شاء، ولكننا نثق ونؤمن بأن ما وعد ربنا حقا. سيكون لنا النصر والغلبة والتمكين، سيعود المشردون إلى دورهم، وستسعد الأرامل حين يعود الأبناء بثارات الآباء، ستعلو أصوات أجراس كنيسة القيامة مستقبلة مسيحيي الشرق وهم يحجون إليها، سيفتح الأقصى أبوابه  تحت علم فلسطين مستقبلا زوار ثالث الحرمين ومسرى الرسول محمد. تسألني: متى يحدث هذا ؟ أجيبك: ببساطة شديدة، وقت أن نعود من غيبوبة قنوات التسلية، وحفلات الترفيه، ومباريات المراهنات، وفنون التغييب، ومناهج التسطيح، وكتابات التزييف، وخطابات المكايدات. تقول لي: أراه حلما بعيدا. أقول  بكل ثقة: بل هو قريب، فالخير فينا وتلك التحديات وهذه السقطات هي الوقود الذي يحرك طاقات الخير ويعجل من الأخذ بأسباب النصر.

أخبار متعلقة :