نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
القاهرة.. نجاحات اقتصادية وسط دائرة النار - صوت العرب, اليوم الخميس 21 نوفمبر 2024 11:36 صباحاً
الخميس 21/نوفمبر/2024 - 11:30 ص 11/21/2024 11:30:27 AM
تستهدف المشروعات القومية في مصر، تعزيز الأنشطة الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو مرتفعة، في ظل أزمات اقتصادية عالمية متلاحقة، أثرت سلبًا على الأسواق الناشئة، حيث ساهمت مشروعات مصر القومية في توفير الملايين من فرص العمل، كما ساهمت في توفير المنتجات للسوق المصري، إضافة إلي زيادة القدرات التصديرية للبلاد مما رفع الصادرات، تساهم بقوة فى توفير الوظائف وفرص العمل للشباب وتعزيز حركة الاقتصاد.. تخيل لو لم تكن مصر نفذت برنامج إصلاحي ولا مشروعات ضخمة، كيف سيكون وضعنا الاقتصادي أصعب.. إن استمرار العمل فى المشروعات القومية الضخمة، خصوصًا الإنتاجية منها، وعدم توقفها رغم التحديات الحالية، أثر بصورة مباشرة على تحقيق معدلات نمو مرتفعة بالقياس لما هو حادث في الاقتصادات العالمية الحالية.. بل إن النمو المستهدف خلال العام المالي القادم، مدعوما بالأنشطة الاقتصادية التي تتعافي، مع تلاشي آثار الأزمة الاقتصادية مثل السياحة والتصدير والصناعات المختلفة، وهذه الأنشطة ستدعم مستهدفات النمو.
لذلك، توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في تقرير حديث، أن يتراجع معدل التضخم الأساسي في مصر إلى 10.6% خلال يونيو 2026، ومن المتوقع كذلك أن ينحسر إلى 12.5% خلال يونيو 2025، وإن كان لا زال مرتفعًا بحسب التقرير.. ومن المتوقع أن تحقق صناعة السياحة في مصر أرقامًا قياسية بدءًا من العام الحالي، مما يشير إلى انتعاش ملحوظ للقطاع، وفقًا لتقرير موقع Tourism Review، إذ مع زيارة أكثر من ثمانية ملايين سائح للبلاد في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، تسير مصر على الطريق الصحيح لتجاوز أربعة عشر مليار دولار من الإيرادات، بحلول نهاية العام.. هذا الانتعاش يأتي على الرغم من التوترات الإقليمية المستمرة والتحديات الجيوسياسية العالمية.. وإذا استمر الاتجاه الحالي، فمن المتوقع أن تجتذب مصر أكثر من خمسة عشر مليون سائح بحلول نهاية العام، مما يضع معيارًا جديدًا لقطاع السياحة في البلاد، بعدما ركزت الحكومة المصرية على جعل النمو المستدام والتنمية الاستراتيجية محوريًا لمرونة القطاع.. ولا تزال الحكومة ملتزمة بتوسيع عروضها السياحية لجذب المزيد من الزوار الدوليين.
وبالتزامن مع هذا التقرير الإيجابي، وفي إنجاز جديد يُضاف لسلسلة إنجازات الدولة المصرية، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، احتفالية الإعلان عن إعادة إحياء وتطوير وتحديث خطوط الإنتاج بشركة (النصر للسيارات)، التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، وعلامتها التجارية العريقة، من خلال الإعلان عن إنتاج أول أتوبيس جديد بنسبة مكون محلي مرتفعة، ليكون إنجازًا في توقيت تتعرض فيه مصر لحملات من التشكيك في إنجازات ومواقف الدولة.. إذ يمثل هذا الإنجاز خطوة نوعية في مسيرة تطوير الصناعة الوطنية، ويؤكد قدرة مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع النقل.. كما يعكس التزام الدولة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتطوير الصناعات الوطنية الكبرى، والتي تُعَد جزءًا محوريًا من رؤية مصر 2030، إذ تندرج إعادة إحياء (النصر للسيارات)، بعد خمسة عشر عامًا من التوقف، ضمن الاستراتيجية الشاملة للدولة، لتعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة للشباب.
لقد أدى الأداء القوي للسياحة المصرية في 2023، إلى إرساء الأساس لاستمرار نمو القطاع في العام الحالي.. ففي العام الماضي، استقبلت مصر 14.8 مليون سائح وحققت 13.2 مليار دولار من الإيرادات، بزيادة قدرها 27% عن العام السابق.. وقد غذّى هذا المسار التصاعدي التفاؤل داخل الصناعة، حيث يهدف أصحاب المصلحة إلى تجاوز هذه الأرقام، على الرغم من التحديات المختلفة.. وساهمت العديد من الأسواق الرئيسية بشكل كبير في ازدهار السياحة المصرية.. وتقود السوق الألمانية المهمة، مع زيادة بنسبة 10% في عدد الزوار، مدفوعة بالطلب القوي والمزيد من توافر الرحلات الجوية.. وعلى الرغم من التوترات الجيوسياسية، تمكنت السوق الروسية، ثاني أكبر مُصدِّر للسياح في مصر، من تحقيق نمو متواضع بلغ نحو 5%.. وشهدت السوق الصينية أكبر ارتفاع، حيث ارتفعت أعداد زوارها بنسبة 60%، مدفوعة إلى حد كبير بزيادة الرحلات الجوية بين الصين ومصر بثلاثة أضعاف.. كما حقق السوق العربي أداءً استثنائيًا، حيث بلغ النمو الإجمالي 17%، وزيادة مذهلة بنسبة 25% في أعداد الزوار من المملكة العربية السعودية.
هذا التقدم يعكس فعالية استراتيجيات الحكومة، الذي أدى إلى تسجيل مصر سبعين مليون ليلة إقامة و6.6 مليار دولار من الإيرادات، خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام. وتؤكد هذه الأرقام على مرونة القطاع وتعافيه وسط التحديات المستمرة، (إن قطاع السياحة المصري على المسار الصحيح.. وتعكس هذه النتائج نجاح استراتيجيات التنمية التي تهدف إلى جذب مجموعة واسعة من السياح).. إذ نفذت الحكومة سلسلة من المبادرات الاستراتيجية لتعزيز قطاع السياحة، إدراكًا لأهميته الحيوية للاقتصاد الوطني.. وتشمل هذه المبادرات، حملات تسويقية دولية شاملة، وحضورًا قويًا في المعارض السياحية العالمية، مما يضع مصر كوجهة رئيسية للسياحة التاريخية والثقافية والتراثية.. وكان من أبرز ما يميز هذه الجهود، ترميم المعالم التاريخية في مصر، بما في ذلك الافتتاح الجزئي الذي طال انتظاره للمتحف المصري الكبير.. وقد اجتذبت هذه التطورات اهتمامًا متزايدًا من السياح، وخصوصًا أولئك المتحمسين للتراث الثقافي الغني لمصر.
وفي السنوات الأخيرة، حولت السلطات السياحية تركيزها نحو جذب السياح الراقين، الذين يساهمون بشكل أكبر في الاقتصاد.. على سبيل المثال، يُقدر أن الزوار الأمريكيين ينفقون ما بين مائة ومائتين دولار في اليوم، في حين يساهم الزوار الخليجيون بنحو ثلاثمائة دولار في اليوم.. ومن خلال استهداف السياح ذوي القدرة على الإنفاق الأعلى، تهدف مصر إلى زيادة عائدات السياحة، دون الاعتماد فقط على أعداد الزوار.. من المتوقع أن يواصل قطاع السياحة في مصر مساره التصاعدي، حيث حددت الحكومة هدفًا بخمسة عشر مليون زائر بحلول نهاية 2024.. وستساعد الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية للسياحة، جنبًا إلى جنب مع الجهود المبذولة لتوسيع وتنويع عروض البلاد، في الحفاظ على هذا النمو.. ويتوقع الخبراء أنه في حالة تخفيف التوترات الإقليمية، يمكن لمصر تحقيق رقم قياسي يبلغ ثمانية عشر مليون سائح بحلول 2025.
وهنا، قد يتساءل البعض: كيف حافظت مصر على حظوظها السياحية رغم الصراعات الإقليمية؟.
رغم تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والصراعات الإقليمية المتصاعدة بمنطقة الشرق الأوسط، أكد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، أن القاهرة استطاعت الحفاظ على (حظوظها السياحية)، محققة (زيادة في الزيارات والعائدات).. وقال إن (مصر نجحت، على الرغم من كل الاضطرابات الإقليمية الحالية في تحقيق جذب سياحي، ولديها قطاع سياحي قادر على الصمود رغم الاضطرابات).. ولم يتجاهل مدبولي، في تصريحاته مؤخرًا، ما قال إنها (تقارير كثيرة تشير إلى أن المنطقة الإقليمية لم تعد جاذبة للسياحة العالمية بسبب أنها منطقة صراع)، لكنه أكد أن (هذه التقارير اعتبرت مصر، الدولة الوحيدة في المنطقة المستثناة من هذه الحالة).. واستقبلت مصر 14.906 مليون سائح خلال 2023، بزيادة سنوية أكثر من 27%، عن عام 2022، وهو رقم يفوق ما تم تحقيقه في عام الذروة السياحية 2010، حيث زار البلاد 14.731 مليون سائح.. وجاءت الأرقام الرسمية مناقضة لتوقعات المؤسسات الدولية، ومن بينها وكالة (ستاندرد آند بورز جلوبال)، التي توقعت في تقرير، نشرته في نوفمبر الماضي، (تضرر قطاع السياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بدرجة كبيرة جراء حرب غزة، ولا سيما لبنان ومصر والأردن).. وفي مايو الماضي، أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، دراسة قال فيها إنه يتوقع (انخفاض إيرادات السياحة وقناة السويس في السنتين الماليتين الحالية والمقبلة، بقيمة تتراوح بين 9.9 مليار دولار و13.7 مليار دولار، حسب توسع نطاق الحرب).. لكن على النقيض من ذلك، قال المجلس العالمي للسفر والسياحة، في يونيو الماضي، إن (مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لمصر نمت بنسبة 24% في العام الماضي.. وأن القطاع تعافى بالكامل، ووصل إلى مستويات قياسية).
●●●
لقد أردت البدء بالحديث عن النصر للسيارات، والطفرة السياحية في هذا المقال، لتناول وضع الاقتصاد المصري في خضم الصراعات الإقليمية، لأن مثل هذه الإنجازات هي المرآة الحقيقية، التي تعكس وضعية الاقتصاد في ظل الظروف المحيطة بأي دولة.. وهنا، نشير إلى ما نشره The Washington Institute عما تواجه مصر، التي تتمتع بموقع استراتيجي في قلب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من ضغوط اقتصادية كبيرة، تفاقمت بفعل الصراعات الإقليمية وحالة عدم الاستقرار الجيوسياسي، ومع هذا تتعافي وتحقق نجاحات.. لتبيان كم واجهت الدولة المصرية من تحديات للحيلولة دون تفاقم الوضع الاقتصادي للبلاد، بل على العكس من ذلك، تحاول تحقيق نجاحات في هذا المجال، وسط دائرة النار التي تحيط بها.. وتنتظر من الشركاء والحلفاء المساندة الفعلية، للخروج نهائيًا من آثار هذه الدائرة المدمرة.
لقد أدت الأزمات المتعددة الأوجه الناجمة عن الحرب الإسرائيلية ـ الفلسطينية، وحرب إسرائيل في لبنان، والحرب الأهلية السودانية، والأوضاع السياسية المتوترة في ليبيا، والحرب الروسية ـ الأوكرانية، إلى تفاقم الضغوط الاقتصادية على القاهرة.. ولا تؤثر هذه التحديات على الاقتصاد المصري فحسب، بل تهدد أيضًا الاستقرار الإقليمي.. وفي ضوء هذه التحديات التي تواجهها مصر والمنطقة، تتوقع القاهرة من الولايات المتحدة أن تلعب دورًا داعمًا تجاه شريكها الاستراتيجي في المنطقة.
يؤثر التصور الدولي لعدم الاستقرار الإقليمي، على الاقتصاد المحلي في مصر؛ حيث تمثل السياحة أكثر من 24% من الناتج المحلي الإجمالي ويعمل بها أكثر من مليونين ونصف المليون موظف.. ومع ذلك، أدت المخاوف من انعدام الأمن في الدول المجاورة، إلى تراجع أعداد الزوار الدوليين، حيث انخفض عدد السياح بنسبة تقدر بين 25ـ30% خلال الفترة من 2010 إلى 2022، مقارنة بمستويات ما قبل النزاعات.. وقد تسبب هذا التراجع في عائدات السياحة، في زيادة الضغط على احتياطيات مصر من النقد الأجنبي، إذ تعتمد العمالة بشكل كبير على هذا القطاع في إيرادات النقد الأجنبي والتوظيف.
وأسفرت الحرب الدائرة في غزة عن تصاعد التوترات الإقليمية، وزيادة حالة عدم الاستقرار الاقتصادي. وتواجه مصر، التي تشترك بحدود مع قطاع غزة وتلعب دور الوسيط الإقليمي، ضغوطًا متزايدة في النفقات الأمنية والتكاليف الإنسانية.. كما أدى الصراع إلى تعطيل طرق التجارة في البحر الأحمر وقناة السويس، مما فاقم الضغط على موارد البلاد.. وتنعكس حالة عدم الاستقرار الناتجة عن هذه الأزمة على ثقة المستثمرين في السوق المصرية، مما يقوض فرص النمو الاقتصادي في البلاد.
تؤثر الحرب أيضًا بشكل مباشر على قناة السويس، التي تُعد أحد أهم الأصول الاقتصادية الحيوية لمصر وممرًا تجاريًا عالميًا رئيسيًا، وتُدر عائدات كبيرة على مصر من خلال رسوم عبور القناة.. ومع ذلك، أسفر عدم الاستقرار الإقليمي، بما في ذلك النزاعات والحروب، عن تعطيل طرق الشحن وتشديد الحصار البحري، مما أعاق حركة التجارة.. وأدت المخاوف الأمنية المتزايدة في المنطقة، إلى زيادة رسوم التأمين على شركات الشحن، مما أثر بشكل جوهري على حجم التجارة التي تمر عبر القناة.. علاوةً على ذلك، أثرت الحرب على ديناميكية التجارة الإقليمية وعلى أنماط الشحن العالمية، حيث أسهمت في تحويل مسارات التجارة وتقليص تدفق البضائع من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر. وقد أدى هذا الانخفاض في حركة المرور إلى انخفاض إيرادات القناة بنسبة 57%، خلال الربع الثالث من السنة المالية ـ يناير إلى مارس 2024 ـ مما أثر سلبًا على الاقتصاد المصري، الذي يعتمد بشكل كبير على هذه الإيرادات في موازنته الوطنية.
وأثرت الحرب الأهلية السودانية بشكل كبير على مصر، خصوصًا فيما يتعلق بإدارة اللاجئين وأمن الحدود.. فمنذ اندلاع النزاع المسلح في عام 2023، استقبلت مصر أكثر من نصف مليون لاجئ سوداني مُسجل، إضافة إلى نحو مليون ومائتي ألف وافد سوداني جديد بشكل مفاجئ، مما فرض ضغوطًا إضافية على الخدمات العامة والبنية التحتية المصرية.. كما أدى النزاع إلى تعطيل طرق التجارة الحيوية للاقتصاد المصري، مما أسهم في نقص السلع الأساسية وارتفاع معدلات التضخم.. وأدى توافد أعداد كبيرة من اللاجئين، إلى فرض ضغوط هائلة على سوق الإسكان في مصر، لا سيما في مدن كالقاهرة والإسكندرية، التي تزايد فيها الطلب على المساكن ذات الأسعار المعتدلة.. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الإيجارات، واستقر العديد من اللاجئين في مناطق مكتظة سلفًا، مما جعل تكلفة السكن باهظة على اللاجئين والسكان المحليين على حد سواء.. وتسهم هذه الزيادة في الإيجارات، في تعميق أزمة السكن لأصحاب الدخل المحدود من المصريين، مما يزيد من التكدس السكاني ويعزز التوترات بين اللاجئين والمجتمعات المُضيفة.
تسبب تدفق اللاجئين الى مصر، في زيادة الضغط على نظام الرعاية الصحية فيها، في وقت يحتاج العديد من اللاجئين إلى رعاية طبية عاجلة، مما يرهق البنية التحتية التي تعاني أصلًا من نقص التمويل والموظفين.. وتواجه المستشفيات والعيادات العامة عبئًا إضافيًا نتيجة ازدياد أعداد المرضى، مما يؤدي إلى طول فترات الانتظار، وتراجع جودة الرعاية، وزيادة التنافس على الموارد الطبية.. ويترتب على هذا الوضع، صعوبة أكبر في حصول كل من اللاجئين والمصريين على خدمات الرعاية الصحية.. كما يواجه نظام التعليم تحديات متزايدة، مع التحاق أعداد كبيرة من الأطفال اللاجئين إلى المدارس المحلية، مما أدى إلى زيادة الضغط على الموارد التعليمية والمساحات المتاحة، حيث أصبحت الفصول الدراسية، التي كانت تعاني من الازدحام بالفعل، أكثر تكدسًا.. وقد افضى هذا الوضع، إلى تراجع جودة التعليم وأثقل كاهل المعلمين بمهام إضافية.. علاوة على ذلك، تزداد الحاجة إلى موارد مثل الكتب المدرسية والمواد التعليمية، مما يزيد من الضغوط على موازنة التعليم.
ويسعى العديد من اللاجئين، إلى إنشاء مشروعات صغيرة أو الانخراط في العمالة غير الرسمية لتأمين معيشتهم، مما يترك أثرًا كبيرًا على الاقتصاد المحلي.. ورغم أن هذا قد يسهم إيجابيًا، في بعض الأحيان، في تحفيز النشاط الاقتصادي، إلا أنه يمكن أن يؤدي أيضًا إلى زيادة المنافسة على الوظائف والموارد.. هذه المنافسة قد تؤدي إلى تراجع الأجور وتفاقم التوترات بين اللاجئين والعمال المحليين.. هذه الضغوط الاقتصادية والتنافس على الموارد، تؤدي إلى زيادة التوترات بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة.. وفى هذا السياق، تساهم تحديات الاندماج الاجتماعي والاختلافات الثقافية في زيادة هذه التوترات، مما قد يسفر عن نزاعات تؤثر على التماسك الاجتماعي.. كما أن المجتمعات المحلية تشعر بأن الموارد تُحوَّل بعيدًا عنهم لدعم اللاجئين، مما يولد الاستياء ويعزز عدم الاستقرار الاجتماعي.
وبما أن ليبيا تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي المستمر، فقد أسهم ذلك في تعطيل التجارة الإقليمية وزيادة عمليات تهريب السلع والأسلحة عبر الحدود، وهو ما يلقي بظلاله على الوضع الأمني والاستقرار الاقتصادي في مصر.. كانت ليبيا في الماضي شريكًا تجاريًا مهمًا لمصر ومصدرًا كبيرًا للاستثمار وفرص العمل.. ومع ذلك، أدت حالة عد الاستقرار في ليبيا إلى تراجع التعاون التجاري والاقتصادي، مما انعكس سلبًا على الاقتصاد المصري، بإغلاق المعابر الحدودية والموانئ، مما أعاق تدفق السلع والبضائع.. ففي الفترة بين عامي 2018 ـ 2010، تراجعت صادرات مصر إلى ليبيا بشكل حاد، مما أثر على الشركات المصرية التي كانت تعتمد على السوق الليبي.. وأدى انهيار النظام داخل ليبيا، إلى تصاعد نشاط التهريب على الحدود الليبية ـ المصرية، مما يشكل تهديدات أمنية مباشرة لمصر.. وبالتالي، فقد يؤدي تدفق الأسلحة والسلع المهربة إلى زعزعة استقرار الاقتصاد المحلى، وخلق تحديات كبيرة أمام أجهزة إنفاذ القانون، مما يزيد الضغط على قوات الأمن المصرية،ويثقل كاهل الحكومة بعبء مالي إضافي.. كما أن الموارد الإضافية المطلوبة لمكافحة التهريب وتأمين الحدود، تؤدي إلى تحويل الأموال من قطاعات حيوية أخرى، مما يقوض الاستقرار الاقتصادي العام.
وفي العموم، أدت حالة عدم الاستقرار السياسي في ليبيا، إلى انخفاض مستوى الاستثمار والتعاون الاقتصادي بين البلدين.. بعد أن كانت ليبيا في السابق، مصدرًا هامًا للاستثمار في مصر، خصوصًا في قطاعات مثل البناء والطاقة.. ومع ذلك، أدى الوضع غير المستقر في ليبيا إلى تعليق أو إلغاء العديد من المشاريع والاستثمارات المشتركة.. على سبيل المثال، تم تأجيل استثمارات ليبية كبيرة في مجال العقارات والبنية التحتية المصرية، بسبب البيئة الاقتصادية غير المستقرة.. بالإضافة الى ذلك، يؤثر هذا التراجع في الاستثمار الأجنبي المباشر على آفاق النمو الاقتصادي في مصر، ويحُد بشكل جوهري من فرص خلق الوظائف.. ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من ليبيا بأكثر من 75% بين عامي 2010 ـ2020 بسبب تدهور الأوضاع الناجمة عن الحرب الأهلية هناك.. وبشكل خاص، تأثرت قطاعات البناء والتصنيع في مصر، التي كانت تستفيد بشكل كبير من رؤوس الأموال الليبية.
أضف إلى كل ذلك، الحرب الروسية ـ الأوكرانية، التي خلَّفت تداعيات عالمية، وخصوصًا على أسعار الغذاء.. وباعتبارها مستوردًا رئيسيًا للقمح، واجهت مصر ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الحبوب، بسبب اضطرابات سلاسل التوريد العالمية.. في عام 2023، استوردت مصر حوالي 70% من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا.. وفى سياق متصل، أدى النزاع في ليبيا إلى زيادة أسعار الخبز بنسبة 20%، مما ساهم في ارتفاع التضخم الغذائي وزيادة المصاعب الاقتصادية للمصريين، إذ لم يؤثر ارتفاع أسعار القمح على تكاليف الغذاء فحسب، بل ساهم أيضًا في ارتفاع معدلات التضخم العام في مصر، وزيادة أسعار الغذاء بوتيرة أسرع من باقي السلع والخدمات.. وأفاد تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن التضخم الغذائي بلغ نحو 30% في عام 2024، مما يعكس بوضوح تأثير ارتفاع أسعار القمح على السلع الاستهلاكية.. وقد أدى تفاقم الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن التضخم، إلى تراجع القوة الشرائية للأسر المصرية.. وبالنسبة للعديد من المواطنين، أدى ارتفاع أسعار الغذاء إلى تراجع مستوى المعيشة وتفاقم المعاناة الاقتصادية.. وتزداد تلك المصاعب بين الأسر محدودة الدخل، التي تنفق نسبة أكبر من دخلها على الاحتياجات الأساسية.
لم تقف الحكومة المصرية مكتوفة الأيدي، بل عملت على مواجهة الأزمة الاقتصادية، من خلال اتخاذ تدابير مختلفة للتخفيف من أثار ارتفاع أسعار السلع الغذائية.. شملت هذه التدابير دعم المواد الغذائية الأساسية، والعمل على تنويع مصادر استيراد القمح، وإدارة الاحتياطيات الاستراتيجية.. إلا أن هذه التدابير شكلت أعباءً مالية إضافية على موازنة الحكومة، حيث يتم تحويل الموارد بعيدًا عن قطاعات حيوية.. وبشكل متزامن، أدى ارتفاع تكاليف استيراد القمح إلى زيادة الضغوط المالية على الحكومة، وتسبب في تصاعد الإنفاق على برامج الدعم، مما يؤثر على الاستقرار المالي وقد يؤدي إلى مزيد من الاقتراض.
●●●
ويتوقع The Washington Institute دعمًا اقتصاديًا أمريكيًا لمصر، كحليف استراتيجي للولايات المتحدة، إذ يمكن للولايات المتحدة أن تدعم مصر من خلال مبادلة الديون الثنائية ومبادرات الإعفاء من الديون.. واعتبارًا من عام 2024، بلغ الدين الخارجي لمصر حوالي 152.9 مليار دولار.. وقد أدى ارتفاع تكلفة خدمة الدين الى إثقال كاهل الاقتصاد المصري، وتقييد فرص الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية.. وقد تسهم عملية مقايضة الديون، عبر تحويل هذا الدين إلى استثمارات في مشاريع تنموية محلية، في تخفيف الأعباء الاقتصادية بشكل فوري ودعم أهداف التنمية المستدامة.. وغالبًا ما ينطوي تخفيف عبء الديون المتعددة الأطراف على منظمات، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.. وتتأثر هذه المؤسسات بشكل كبير بالسياسات الأمريكية، ومن ثم، يمكن للولايات المتحدة استخدام نفوذها على هذه المؤسسات المالية الدولية للاستفادة من مبادلة الديون، والتعليق المؤقت لمصروفات خدمة الدين المصري، مما سيخفف العبء المالي على الموازنة.
من خلال نفوذها الدبلوماسي، يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا محوريًا في التوسط في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي الكبير.. وينبغي أن يكون الهدف، هو إبرام اتفاق مُلزم يعالج مخاوف الدول الثلاثة.. وقد تتضمن هذه الاتفاقية أحكامًا بالتدفق السنوي للمياه، بما يضمن حدًا أدنى من التدفق المائي لمصر، ربما من خلال إطار عمل يعوض أي نقص قد يحدث في إمدادات المياه.. كما يمكن أن يتضمن وضع جدول زمني لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وأن يأخذ في الاعتبار الاثر علي دول المصب، مع تعديلات موسمية لتقليل الانقطاعات في تدفق المياه.. ويمكن للولايات المتحدة، توفير الدعم التقني، لدعم مشاركة البيانات ورصد تأثير السد الإثيوبي على مصر. ويشمل ذلك مراقبة الأقمار الصناعية، وتحليل البيانات الهيدرومترولوجية، لضمان الشفافية والامتثال للاتفاق.. كذلك، يجب تقديم الدعم المالي أو الحوافز المالية، لتشجيع الامتثال للإطار المتفق عليه بشأن المياه.
خلاصة القول، فإن الموقع الاستراتيجي لمصر يمنحها مكانة تجعلها في قلب النزاعات الإقليمية؛ كما أن الاضطرابات في التجارة والضغوط الناجمة عن استضافة اللاجئين، تُبرز التحديات الاقتصادية المتعددة التي تواجهها مصر.. وبالمثل، فاقمت الصراعات الإقليمية من هذه التحديات، من خلال الضغط على الخدمات العامة وتضخيم الأسعار.. وباعتبارها حليفًا استراتيجيًا، يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا حاسمًا في التخفيف من هذه الضغوط، من خلال عملية مبادلة الديون الثنائية، ومبادرات أعفاء الديون، والتوسط لإبرام اتفاقات شاملة.. وحيث أن التمويل الُمقدم من صندوق النقد الدولي لمصر يأتي على شكل قروض، إلا أن هذه الالتزامات المالية الجديدة ستفرض في نهاية المطاف المزيد من الضغوط على اقتصاد البلاد.. ومن ثم، يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في استقرار الاقتصاد المصري وتعزيز التنمية المستدامة، من خلال استثمار نفوذها على المؤسسات المالية الدولية، والعمل على مبادلة الديون وإعفاءها، وحيث ان الشراكة المصرية ـ الامريكية حيوية، فيمكن للولايات المتحدة ان تدعم الاقتصاد المصري، وضمان الاستقرار الإقليمي في مواجهة الصراعات والأزمات المستمرة.. وللحديث بقية.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.
أخبار متعلقة :