في كتابه الصادر تحت عنوان "الزمن وأنا.. مذكرات فاروق فلوكس بين الهندسة والفن والحياة"، للكاتب حسن الزوام، يتناول سيرة الفنان الكبير فاروق فلوكس، وفي أحد فصوله روى قصة رفض الزعيم عادل إمام لمسرحية الواد سيد الشغال في البداية وبمجرد قراءة أول فصل فيها.

الواد سيد الشغل 

يقول الفنان فاروق فلوكس: "كانت معرفتي جيدة بالمنتج سمير خفاجي قديمة، عرفته منذ البدايات مع الأستاذ فؤاد المهندس حتى قبل أن أوقع مع فرقة "الفنانين المتحدين" عام 1966، كان سمير خفاجي جاري في شارع قصر العيني، كنت أزوره بشكل دائم فهو عشق الفن ولم يتزوج، كان بيته مفتوحًا لكل الفنانين، وهناك كنت أقابل دائمًا سعيد صالح وعادل إمام في بداياتهما.

ويضيف:" في عام 1985، كعادتي كنت أزوره في شقته الأخرى الفاخرة بالدقي، وجدته حزينًا ومزاجه معكر، سألته عن السبب قال لي إنه أعطى لعادل إمام ورق رواية "الواد سيد الشغال" لكن عادل رفضها من المشهد الأول، وقال إنه لن يؤدي هذه الرواية، حتى عندما أرسل الرواية لفؤاد سعيد لتعديلها رفض عادل التعديلات أيضًا، ولا أعرف ماذا سأفعل؟

قلت له: "بسيطة، سأمر عليك غدًا في التاسعة صباحًا ونعيد ترتيب المشهد الافتتاحي الذي لا يعجب عادل إمام، وفي الموعد ذهبت إليه، بدأنا العمل على مشهد الدخول ورتبنا الأدوار وكان منها شخصية خادمة في البيت، انتهينا من إعادة ترتيب المشهد الافتتاحي، فقط كنت أساعد صديقي وصاحب الفرقة التي بدأت العمل الفني بها بدون مقابل.

ويواصل فلوكس:" ذهبنا بالتعديلات إلى المخرج حسين كمال فأجازها وقررنا عرضها على عادل إمام مرة أخرى، وكنت حتى هذه اللحظة بلا دور في المسرحية نهائيًّا، انتظرت هل سيقبل عادل إمام الرواية بعد أن قمنا بتعديل مشهدها الأول أم لا؟.

مسرحية الواد سيد الشغال

بعد لقائي مع سمير خفاجي وتعديل مشهد الافتتاح لمسرحية "الواد سيد الشغل"، انتهى دوري أو هكذا كنت أعتقد وانشغلت بالإعداد للسفر إلى الإمارات العربية، وتحديدًا مدينة العين مع الأستاذ سيد راضي لعرض رواية "آدم 85" في شهر رمضان، من بطولة سمير غانم وفريد شوقي وليلى علوي.

في الإمارات في هذا الوقت، كان الناس ينامون وقت الصيام نهارًا ثم يتناولون الإفطار ويجتمعون مساءً في جلساتهم المعروفة بالديوانيات.

رغم ثقل الأسماء المشاركة لم تلق العروض الإقبال المنشود، فكنا نعرض والجمهور الحاضرون يعدون على أصابع اليدين، بعد بضع أيام من العرض قررنا التوقف والعودة إلى مصر، كانت المشكلة من سيتحمل مصاريف إقامتنا ونفقات الفندق لكن تم حل المشكلة، وعدنا إلى القاهرة.

سمير خفاجي

يواصل:" بمجرد وصولي إلى البيت، وجدت زوجتي أم أولادي تخبرني إن سمير خفاجي يريدني أن أذهب له على الفور، هاتفته وقال لي: "تعالى بالليل النهاردة عايزينك"، ذهبت إليه ووجدت عادل إمام قد وافق على المشهد الأول بعد أن قمنا بتعديله، وطلب إلغاء دور الخادمة في الرواية حتى يصبح هو الخادم البديل الوحيد المتاح في المسرحية، هذا كان منطقيًّا ومفيدًا للدور، اقترح قائلًا: "ليه ما يبقاش مدير المنزل رجل ويكون مسيحي حتى لا يجوز أن يصبح هو المحلل الذي هو محور الرواية"، فالرواية تقوم على شخصية "سيد/ عادل إمام" الذي يهرب من تنفيذ عقوبة السجن لمدة عام بتهمة ضرب أحد النصابين، ويتوجه للاختفاء لدى خاله الطباخ العجوز الذي يعمل لدى عائلة أحد الأثرياء، ويُساعد خاله بخدمة العائلة أيضًا، لكن يقع طلاق ابنة الثري صاحب المنزل للمرة الثالثة لتعدد خلافاتها وشجارها مع زوجها، فيتم اختيار "سيد" ليقوم بدور المُحلل حتى تعود إلى زوجها مرة أخرى، تم ترشيحي لأداء دور "ميلاد سعيد" مدير المنزل المسيحي، كانت مفاجأة لي فلم يكن ببالي أن ألعب أي دور في هذه الرواية.

عادل إمام

يكمل فاروق فلوكس:" في الجلسة، كان عادل إمام يقرأ المشهد الرابع من الفصل الأول وهو مشهد الحفل، وكانت متواجدة سوسن بدر بطلة العرض قبل انضمام مشيرة إسماعيل بدلًا عنها، وكل فريق العمل كان متواجدًا، غير أن المؤلف سمير عبد العظيم لم يكن موجودًا.

فجأة، ألقى عادل إمام الورق وقال: "مش هعمل الرواية دي"، لم يعجبه المشهد، هنا تدخلت وطلبت منه الصبر لصباح الغد ليتم تعديل المشهد الذي لا يعجبه كما عدلنا المشهد الافتتاحي، فقال لي: "المشهد وحش يا فاروق"، فقلت له: "بكرة تاخد مشهد كويس أرجو أن يعجبك"، سألني حسين كمال: "بكرة يا فاروق"، فرددت: "نعم بكرة".

يكمل:" في الصباح ذهبت إلى سمير خفاجي في التاسعة صباحًا حسب الاتفاق، رتبنا المشهد ووضعنا تصورنا للمشاركين، هذا يوسف داوود وهذه رجاء سراج وهكذا، حتى رتبنا وقمنا بتسكين الممثلين مع الأدوار في المشهد، وكان حاتم ذوالفقار هو المرشح لدور زوج سوسن بدر ابنة الرجل الثري، لكن نظرًا لظروفه الخاصة تم استبداله في النهاية بالممثل مصطفى متولي زوج شقيقة عادل إمام.

فاروق فلوكس

ويستطرد:" انتهيت من الترتيب وتعديل النص ووضعت جملة "يا شماتة أبلة ظاظا فيا"، وضع سمير خفاجي الحوار، ثم قمت كتابته بخط اليد ثم تم إرساله للكتابة على الآلة الكاتبة، وانتهى إعداده قبل موعد الاجتماع في المساء.

ويختتم:" على طاولة الاجتماعات، قرأ عادل إمام المشهد الذي سبق ورفضه، أعجبه هذه المرة وطلب إدخال تعديل وهو ختام المشهد باستعراض غنائي، وتم الاتفاق مع الشاعر الكبير سيد حجاب لكتابة كلمات الاستعراض، وتولى عمار الشريعي تلحينه ووضع الموسيقى وانتهت مشكلة الفصل الأول كاملة.