كان اسمها سوريا - صوت العرب

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كان اسمها سوريا - صوت العرب, اليوم الأربعاء 11 ديسمبر 2024 07:25 مساءً

مَن يعتقد أننا نسينا أو سننسى وَاهِم.. الذين يتصورون أن ما يحدث من حولنا يربكنا واهمون.. الذين يعتقدون أنهم فكوا شفرة الشعب المصرى واهمون أيضًا.. نحزن لأن ما جرى فى العراق حذرت منه مصر ولم يسمعوا.. لأن الكلاب تحالفت على مصير السودان ولم نفهم.. وتوافدت الجرذان على ليبيا ولم نسكت.. نحزن على أرز لبنان.. وعنب اليمن.. وبلح العراق.. نحزن على صوت فيروز التى لا تزال تبحث عن «شادى».. ونحِن إلى نفس الخبز الذى صنعته أم محمود درويش.. نحزن لكننا لا نهن.. ولا نخشى.. ننتبه ونحذر لكننا لا نخاف.. من يقرأ تاريخ الأمم جيدًا يعرف ماذا يفعل المصريون إذا ما أحسوا بالخطر يقترب من أرضهم وعرضهم. 

ما جرى فى سوريا الحبيبة كان منتظرًا.. ومعروفًا.. لم تكن هناك أسرار.. وخريطة الشرق الأوسط الذى يريدونه وتريده إسرائيل نعرفها ومعلنة منذ سنوات.. لكننا.. الشعوب التى يسمونها عربية تخاذلت.. هانت.. ضعفت.. والذين انتظرناهم لإعانة السوريين واللبنانيين والفلسطينيين حينما جاء وقت القطاف فضلوا مصالحهم على شعاراتهم.. الأتراك والروس والإيرانيون والغرب كله قبض ثمن سوريا الجريحة. 

نعرف ويعرفون.. لكنّ المرتزقة وعابرى السفارات والمغيبين- وما أكثرهم- يعتقدون أنها ثورة.. وأنها تمرد على نظام سياسى.. هذه أكذوبة يرددها المطاريد من كلاب الجماعات التى تدّعى الجهاد وتتحدث باسم الإسلام والمسلمين كذبًا وزورًا.. الإسلام براء من الخونة والمتاجرين بأعراض البلاد والعباد.. هؤلاء طلاب سلطة يأتى بهم الصهاينة أو الأمريكان لا فرق.. هؤلاء استخدمهم المحتلون فى بلاد الله، ولا يزالون يستخدمونهم.. وحينما ينتهى دورهم سيرمونهم فى المزبلة التى يستحقونها. 

لا أحد يكره الحرية.. لا أحد يقف مع الظلم.. الكل يبحث عن العدل والخير والجمال.. ولكن أى خير فى بلاد ضاعت؟.. الذين يكذبون على أنفسهم بأن سوريا سيتم إعمارها على أيدى الجولانى وأصحابه من الشيشان والأتراك والبنجلاديش واهمون.. فلا هم بناة.. ولا الذين استخدموهم سيسمحون لهم أو لغيرهم.. هل بنى هؤلاء العملاء العراق؟.. كان صدام فاشيًا كما قالوا.. مستبدًا كما قالوا.. أرعن كما قالوا.. فاسدًا كما قالوا.. وقد رحل.. فهل عاد العراق عراقنا؟.. هل عاد بلدًا من الأصل؟.. نتمنى أن يعود اليوم قبل الغد.. فكم دفع العراقيون من أثمان؟.. وهل سينجو مما يخطط له الآن؟.. هل عادت ليبيا بعد رحيل القذافى.. هل قام اليمن؟. 

نحن حزانى بالفعل.. فالشام أرض الحضارات.. الشام أهل الفن والفكر والعلم.. اليمن الحضارة والتاريخ والخير.. متى نستعيدهما؟ 

أقسى ما يواجهنا.. أننا نشاهد وجعنا أمام أعيننا ونحن مكتوفو الأيدى.. بعقول ذاهبة.. بعضنا مشوش.. وأغلبنا يعانى وهو يبحث عن حلول فردية لأزماته الصغيرة.. لكن أهل سوريا يعرفون.. أن ما جرى بليل لن يأتى بالنهار السعيد.. الرقص على جثث الأوطان ليس رقصًا أيها الحمقى. 

عقب أحداث الخامس والعشرين من يناير أصدرت كتابى.. «أغنية يناير.. ثوار ومزيفون».. غضب منى بعض الأصدقاء من أصحاب الأحلام الكبيرة والنوايا الطيبة أن أضفت صفة الزيف إلى الثوار.. الآن أغلب هؤلاء الأصدقاء يلعن الخراب الذى جاء به ذلك الربيع الذى لم يكن عربيًا على الإطلاق ولن يكون.

الآن اللعب على المكشوف.. حين سقطت بغداد.. ظننا ما شاهدناه على الشاشات فيلمًا.. من أفلام هووليود.. الآن ونحن نشاهد سقوط سوريا.. نعرف أننا داخل الفيلم.. نحن المسرحية ذاتها.. والجمهور فى نفس الوقت.. وللأسف بيننا من لا يزال يصفق. 

الدرس لم ينتهِ بعد.. والأغبياء الذين يحلمون بدولة الخلافة لا يزالون فى أحلامهم وغبائهم يهيمون.. لكنّ المصريين- وهذا ما لا تساورنى فيه ذرة شك- أوعى من كل هؤلاء.. حتى وإن تسلل بيننا بعض الجهلاء والحمقى.

مصر بجيشها.. بقيادتها.. ومؤسساتها.. ليست هينة.. ومَن يفكر مجرد التفكير فى كسرها لا يعرفنا.. هذه الملايين التى ربما تشتكى من عوز أو تعب أو أحلام تعسرت.. هى نفسها الملايين الجاهزة فى أى لحظة لدحر أى خسيس يفكر فى العبث معها.. مصر فى أوراقهم ومخططاتهم الجائزة الكبرى نعم.. لكن لأبنائها.. وستظل مثلما كانت الدرع والسيف الأخير الذى تنكسر عليه أحلام الطامعين.

مَن يحاولون تخويفنا عليهم أن يلعبوا غيرها.. نحن فى أرضها.. نزرع ونبنى.. ونحصد.. ونفتح بيوتنا لكل الباحثين عن الحضن والمأوى.. كنا كذلك عبر التاريخ الطويل وسنظل.. تحت السماء الواحدة.. أبناء بلد واحد.. له رب واحد.. وشعب لا يستطيع أيًا مَن كان أن يسلبه عقله.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق