ما هو البودكاست؟ للمسافر، هو الرفيق الذى يكسر صمت الطريق ويضفى معنى للمسافات الطويلة. للمشاوير اليومية، هو صديقك الذى يجعل الانتقال بين العمل والمنزل أقصر وأمتع. ولمن ملّ الراديو، يمنحك البودكاست التحكم الكامل فى اختيار ما تسمعه، متى شئت وكيفما شئت.

أما للإعلاميين، فهو منصة تحررية تجمع بين العمق التحريرى والإبداع. بل وفى بعض الحالات، يمكن أن يكون أكثر من ذلك؛ فقد كان البودكاست هو الوسيلة التى أعادت فتح قضية عدنان سيد، الشاب المدان بجريمة قتل عام ١٩٩٩، ومنحته فرصة لاستعادة حريته فى ٢٠١٤.

خلق إعلان المتحدة عن إطلاق ١٧ بودكاست ترحيبًا كبيرًا، ومع ظهور المعلومات حول البرامج ومحتواها؛ زاد حماسى فى انتظارها، خاصة مع معرفتى لبعض الأسماء من مقدمى البودكاست الذين يتمتعون بشعبية واسعة وقدرة استثنائية على جذب المستمعين، مثل الدكتور مهاب مجاهد، والمذيعة رحمة خالد، والإعلامية ريهام عياد. وبفضل إمكانات الشركة الواسعة وخبرتها الطويلة، يمكن أن نقول إننا فى انتظار مجموعة من المحتوى القيم الذى يتم إنشاؤه بعد تحليل عميق للسوق واحتياجات الجمهور.

بدأت رحلة البودكاست فى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، حيث شهد عام ٢٠٠٤ ولادة المصطلح على يد الصحفى البريطانى «بن هامرلسى»، الذى جمع بين كلمتى «iPod» و«Broadcast». فى العام نفسه، طوّر المذيع السابق لقناة MTV «آدم كارى»، بالتعاون مع المبرمج «ديف وينر» برنامج «iPodder»، الذى أتاح للمستخدمين تحميل المحتوى الصوتى بسهولة إلى أجهزة iPod. ثم جاء عام ٢٠٠٥ ليُحدث تحولًا كبيرًا، عندما أضافت شركة أبل دعم البودكاست إلى برنامج iTunes واسع الانتشار، ما جعل الوصول إلى هذه التقنية أبسط وأكثر انتشارًا.

وشهدت السنوات التالية انطلاقة هائلة لعالم البودكاست، حيث أصبحت إمكانية إنتاج ونشر المحتوى الصوتى متاحة لأى شخص يمتلك معدات بسيطة. ومع تنوع المنصات مثل Spotify وApple Podcast وسهولة النشر عليها، ازداد انتشار البودكاست بسرعة كبيرة. هذا الانتشار لم يقتصر على عدد المستمعين فحسب، بل أفسح المجال لظهور أشكال وتنسيقات مختلفة، تلبى اهتمامات المستمعين المتنوعة وتقدم لهم تجارب صوتية تجمع بين الإبداع والمعلومات.

على الصعيد العالمى، بلغ عدد مستمعى البودكاست أكثر من ٤٦٤ مليون مستمع بحلول عام ٢٠٢٣. ورغم هذا النمو الهائل، إلا أن المنطقة العربية لا تزال تخطو خطواتها الأولى فى هذا المجال. ففى مصر، يُظهر مؤشر جوجل أن مستوى الاهتمام بالبودكاست ما زال متوسطًا مقارنة ببعض الدول الأخرى فى المنطقة. وعلى النطاق العالمى، تشير البيانات الزمنية إلى أن متوسط الاهتمام بمصطلح «بودكاست» بلغ ٦٤.٨٧ نقطة على مدى ٥٣ أسبوعًا، مع تباينات ملحوظة بين فترات الاهتمام العالية والمنخفضة.

يواجه البودكاست فى المنطقة العربية مجموعة من التحديات التى تعوق تطوره واستدامته، من بين هذه التحديات غياب نماذج أعمال واضحة، وضعف التمويل اللازم لدعم الإنتاج على المدى الطويل، بالإضافة إلى محدودية التدريب والدعم الفنى المتوافر للمبدعين. ولا يمكن تجاهل قلة الوعى العام بأهمية هذا النموذج الإعلامى المتقدم، ما يُصعّب على الجمهور إدراك القيمة الفريدة التى يقدمها البودكاست.

على الرغم من هذه التحديات، فإن المستقبل يبدو واعدًا لصناعة البودكاست فى العالم العربى، فالتحديات التى تواجه هذا المجال، مثل نقص التمويل وضعف الوعى، ليست سوى فرص استراتيجية تنتظر من يستغلها بالشكل الأمثل. وقد أثبتت «المتحدة» قدرتها على تحويل هذه التحديات إلى إنجازات، عبر استثمار إمكانياتها وخبراتها الكبيرة لتقديم محتوى ثرى ومتميز، يلبى احتياجات الجمهور ويعكس طموحات الصناعة فى المنطقة.

سواء كنت تبحث عن الإلهام، المعرفة، أو حتى لحظة من الاسترخاء، فإن هناك «بودكاست» جاهزًا ليأخذك فى رحلة فريدة. كل ما عليك هو أن تضع سماعات الرأس، وتفتح قلبك وعقلك، لتبدأ رحلة لا تُنسى فى عوالم البودكاست.