تخلّت عن نفسها لصالح المدينة.. القرية في حياة محمد إبراهيم أبو سنة - صوت العرب

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تخلّت عن نفسها لصالح المدينة.. القرية في حياة محمد إبراهيم أبو سنة - صوت العرب, اليوم الأحد 10 نوفمبر 2024 08:18 مساءً

تحدّث الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة الذي وافته المنية صباح اليوم عن القرية في حياته وذلك في حوار أجراه مع مجلة الأقلام عام 1987.

محمد إبراهيم أبو سنة

يقول محمد إبراهيم أبو سنة: "لقد تغيرنا معًا أنا والقرية إلى درجة يصعب فيها الحوار والتعرف والتآلف والانسجام مرة أخرى، تغيرت أنا بالإيغال في الانشغال بالمدينة التي قضيت بين أحجارها سبعة وثلاثين عامًا، وتغيرت القرية وهي تحاول أن تكون مدينة صغيرة فانتهى بها الأمر إلى السقوط بعيدًا عن القرية والمدينة معًا، وربما كان ما تركته القرية في نفسي أكثر وأشد بقاء ما بقي في القرية نفسها، ان القرية التي تفتحت عيناي عليها تحمل الكثير من ملامح العصور الوسطى. هذا العالم الحميم من الخرافات والعادات والتقاليد الراسخة والأحلام البسيطة والتوهج العاطفي في لحظات الحزن ولحظات البهجة والتماسك الاجتماعي والانسجام المطلق مع الطبيعة والتاريخ. 

القرية وحياة البسطاء

ويضيف: ”هناك سياق واحد يربط الطبيعة بالتاريخ ويحفر في النفس صورة متماسكة للزمن، وأنا لا أحن الى قرية رومانسية تتدفق في جوانبها الغدران وتغرد على أفنانها الطيور وقد كنت دائمًا أحلم بالتقدم للقرية واللحاق بالعصر، لكنني ما تصورت مطلقًا أن تصل صورتها إلى هذا الحد من التشوه والقبح لقد تخلت القرية عن نفسها لشبح من المدينة، ماتت القرية التي كنت أشم عبير أنفاسها مع مطلع الصباح وأنا صبي صغير عندما كنت أخرج من منزلي الواقع على الضفة الشرقية لنهر النيل لأعدو على العشب الصغيرة الأخضر فوق السهل الساحلي الأمامي للقرية ثم اتوجه بعد ذلك إلى مضيفة» الأسرة دار الضيافة حيث أجد كل أقاربي يتناولون إفطارًا جماعيا بسيطًا قبل أن يذهبوا إلى أعمالهم.

وفاة إبراهيم أبو سنة 

كنت أوشك على الانفجار من الشجن العاطفي في الليالي المقمرة التي كانت تضج بالأفراح وحفلات الزفاف حيث كان ذيل الطاووس ينثر بهجته على ألوان الصبايا وهن يراقصن أحلامهن وأشواقهن إلى ليلة شبيهة بتلك الليلة، نعم لقد ماتت القرية التي كنت اعشقها في الواقع وبقيت في وجداني قرية أخرى مستحيلة أعرف أنها لن تعود إلاّ في أحضان وطن كامل من السعادة والتقدم والرفاهية.

ويختتم: ”الحقيقة أنني أصبحت قرية من نوع ما داخل هذه المدينة الضخمة «القاهرة» التي تتنافر فيها العناصر بدلًا من أن تتجاور. القرية ليست فقط “الوادي” قريتي ولكنها أصبحت كل قرية فقدت براءتها وسقطت براءتها وسقطت بين الحلم المفقود، والباطل الموعود".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق