في ظل التطورات السريعة في مجال التكنولوجيا، أصدرت منظمة بروجيكت سينديكيت تقريرًا يسلط الضوء على العلاقة بين الكهرباء والذكاء الاصطناعي، حيث يشير التقرير إلى أن المنافسة العالمية في الذكاء الاصطناعي لم تعد فقط في تطوير الخوارزميات، بل أصبحت تعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة، مما يمنح الصين ميزة واضحة في هذا المجال، بينما تركز شركات التكنولوجيا الغربية على استثمارات ضخمة في نماذج مغلقة، نجد أن الصين تتبنى الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، مما يسمح لها بتوسيع قدراتها في الطاقة المتجددة والنظيفة بشكل غير مسبوق.
تحول المنافسة إلى سباق على الكهرباء
التقرير يؤكد أن هذا الاختلاف في الرؤى بين الصين والغرب يعكس انقسامًا كبيرًا في كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي، فالولايات المتحدة ترى أن الذكاء الاصطناعي هو وسيلة للحفاظ على ريادتها، بينما تنظر الصين إليه كبنية تحتية عامة، حيث تعتمد على التوسع السريع وتقليل التكاليف، وقد أظهرت نماذج مثل “ديب سيك” و”كوين” تفوقًا واضحًا من حيث الكفاءة والتكلفة، إذ أن تكلفة تشغيلها أقل بكثير مقارنةً بأنظمة أمريكية متقدمة مثل “جي بي تي-4”.
استثمار الصين في الطاقة المتجددة والنووية
وفقًا للتقرير، فإن توقعات “الوكالة الدولية للطاقة” تشير إلى أن استهلاك الكهرباء من مراكز البيانات سيتضاعف بحلول عام 2030 بسبب الذكاء الاصطناعي، حيث أن تدريب نموذج واحد مثل “جي بي تي-4” يتطلب كميات هائلة من الطاقة تكفي لتشغيل مدينة بحجم سان فرانسيسكو لعدة أيام، الصين تسير بخطى سريعة نحو تحقيق هذا الهدف، حيث أضافت 356 جيجاوات من الطاقة المتجددة في عام 2024، وهو ما يفوق ما أضافته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند معًا.
التحديات أمام الدول الغربية
لكن على الرغم من تفوق الصين في هذا المجال، تواجه الدول الغربية تحديات كبيرة، فشبكات الطاقة المتهالكة وصعوبة الحصول على التصاريح تعيق توسع مراكز البيانات في العديد من المناطق، التاريخ يوضح أن الثورات الصناعية كانت دائمًا لصالح الدول التي تمكنت من تحويل الطاقة إلى إنتاجية عالية، أما في القرن الواحد والعشرين، فمن يمتلك الطاقة النظيفة المقترنة بتكنولوجيا الحوسبة سيكون له اليد العليا.
فرص الدول النامية في عصر الحوسبة المتقدمة
انتشار الذكاء الاصطناعي الرخيص والطاقة النظيفة قد يفتح أبوابًا جديدة للدول النامية لدخول عصر الحوسبة المتقدمة، كما حدث مع الكهرباء والإنترنت، لكن يجب أن نكون واعين أن الوفرة في الطاقة لا تعني الاستقرار، فارتفاع الطلب على الطاقة دون استثمار كافٍ في الإنتاج النظيف قد يهدد الشبكات ويقوض أهداف خفض الانبعاثات، التقرير يختتم بأن التقدم يجب أن يُدار بحكمة لتحقيق توازن بين الوفرة والانضباط لضمان استدامة التقدم البشري في المستقبل.

