شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية انخفاضًا بنسبة 0.6% خلال الأسبوع الماضي، بينما تراجعت الأوقية في البورصة العالمية بنسبة 0.4%، وذلك في ظل انتظار الأسواق لقرار الفيدرالي الأمريكي حول أسعار الفائدة خلال الاجتماع المرتقب هذا الشهر، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات.

وأوضح سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، أن أسعار الذهب في السوق المحلية انخفضت بنحو 35 جنيهًا خلال الأسبوع، حيث بدأ سعر جرام الذهب عيار 21 عند 5650 جنيهًا وانتهى عند 5615 جنيهًا، بينما تراجعت الأوقية في البورصة العالمية بمقدار 17 دولارًا، حيث افتتحت عند 4216 دولارًا وأغلقت عند 4199 دولارًا.

وسجل جرام الذهب عيار 24 نحو 6417 جنيهًا، وعيار 18 حوالي 4813 جنيهًا، بينما استقر سعر الجنيه الذهب عند 44920 جنيهًا.

ورغم هذا التراجع، لا تزال الأسعار تحتفظ بجزء كبير من مكاسبها السابقة، مدعومة بتوقعات متزايدة بخفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة الأسبوع المقبل، مما يقلل من الضغوط البيعية على الذهب، ومع اقتراب عام 2026، يستمر الذهب في تعزيز مساره الصاعد، حيث تزداد قناعة المؤسسات المالية بأن المعدن النفيس مهيأ لجولة ارتفاع جديدة قد تقوده لمستويات قياسية غير مسبوقة.

تطورات الاقتصاد الأمريكي وتوقعات الفيدرالي

تشير البيانات الأخيرة إلى تباطؤ تدريجي في التضخم بالولايات المتحدة، حيث ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية بنسبة 0.2% في سبتمبر على أساس شهري، ليستقر عند 2.8% على أساس سنوي، كما تحسنت ثقة المستهلكين إلى 53.3 نقطة، مع انخفاض توقعات التضخم لعام واحد من 4.5% إلى 4.1% ولخمس سنوات من 3.4% إلى 3.2%.

بناءً على هذه المؤشرات، تشير أداة FedWatch إلى احتمالية بنسبة 87% لخفض الفائدة بمقدار 0.25% الأسبوع المقبل، مما يعزز جاذبية الذهب كأصل استثماري نتيجة تراجع العوائد الحقيقية للسندات.

انعكاسات السياسات النقدية عالميًا

شهدت الأسواق تقلبات واسعة في توقعات الفائدة الأمريكية خلال الأسابيع الأخيرة، مع عودة سيناريو سياسة التيسير النقدي إلى الواجهة بعد استقرار التضخم وضعف سوق العمل، في هذا السياق، خفض البنك المركزي الهندي سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 5.25% مع الإبقاء على توجهات تيسيرية مستقبلية، مما يدعم الطلب على الذهب عالميًا.

كما يُرجح أن تستمر الصين في اتباع سياسة نقدية مرنة تركز على دعم التصنيع والتكنولوجيا وتعزيز الاستهلاك، مما سيرفع الطلب العالمي على المعادن النفيسة.

المخاطر الجيوسياسية

تستمر التوترات الجيوسياسية، سواء في الشرق الأوسط أو في العلاقات الأمريكية–الصينية، في تعزيز الطلب على الذهب كملاذ آمن، خصوصًا في ظل حالة عدم اليقين بشأن مسار الفائدة والسياسات النقدية العالمية، وتبقى أسعار الذهب مدعومة بعوامل رئيسية تشمل التيسير النقدي المتوقع، تصاعد الطلب العالمي على السلع، واستمرار حالة الضبابية الاقتصادية.

توقعات السوق: إلى أين؟

تتوقع شركة الوساطة Ventura أن تدفع مجموعة من العوامل، تشمل مشتريات البنوك المركزية، الضغوط التضخمية، اتساع العجز الأمريكي، والمخاوف الاقتصادية، أسعار الذهب إلى نطاق يتراوح بين 4600 و4800 دولار للأونصة خلال عام 2026، كما تشير التوقعات إلى أن خفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بنحو 75 نقطة أساس في عام 2026 سيعزز الطلب الاستثماري ويدعم استمرار السوق الصاعدة.

وترى Ventura أن الدورة الصعودية للذهب ما تزال بعيدة عن نهايتها، مع توجه المؤسسات الاستثمارية للمعدن كأداة تحوط رئيسية، يليها دخول قوي للمستثمرين الأفراد والمضاربين.

تقديرات دويتشه بنك

رفع دويتشه بنك توقعاته لسعر الذهب في عام 2026 إلى 4450 دولارًا للأونصة، ارتفاعًا من تقديرات سابقة بلغت 4000 دولار، مع توقع تداول الأسعار بين 3950 و4950 دولارًا العام المقبل، واحتمالية تجاوز الحد الأعلى بنسبة 14% مقارنة بالعقود الآجلة الحالية، كما أبقى البنك على توقعاته لسعر الذهب في عام 2027 عند 5150 دولارًا، معتبرًا أن هذا المستوى يمثل نقطة وسط بين سيناريو استقرار السوق وامتداد الطلب الرسمي المرتفع.

رؤية مورجان ستانلي

توقع مورجان ستانلي صعود الذهب إلى 4500 دولار للأونصة بحلول منتصف عام 2026، مدفوعًا بتدفقات صناديق المؤشرات وعمليات الشراء الرسمية في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي، وحذرت المؤسسة من مخاطر تصحيح محتمل بفعل تقلبات الأسواق أو لجوء بعض البنوك المركزية لتسييل جزء من احتياطياتها.

توصيات استثمارية

أشارت HDFC Securities إلى أن الذهب عزز جاذبيته الاستثمارية بفعل التضخم وتوقعات خفض الفائدة وتراجع الثقة في العملات الورقية، موصية بتخصيص 5–10% من المحافظ للذهب والفضة، مع زيادة النسب وفق مستوى المخاطرة.

السوق العالمية: أداء قوي وتغير هيكلي

ارتفع الذهب إلى 4299 دولارًا بدعم توقعات خفض الفائدة الأمريكية في ديسمبر، وفق بيانات Ventura التي أشارت إلى تسجيل الذهب تسعة أرباع صعود متتالية، في واحدة من أطول موجات الصعود خلال العقود الأخيرة، وترى الشركة أن هذه الارتفاعات تعكس تآكلًا ممنهجًا في قيمة العملات الورقية، مع تحول الذهب إلى ثاني أهم أصل احتياطي عالمي للبنوك المركزية.

الهند: سوق أكثر سخونة

في الهند، تتداول الأسعار المحلية أعلى بنحو 15% مقارنة بدبي نتيجة الرسوم الجمركية وضعف الروبية، مما يدفع إلى نشاط أكبر في التدفقات غير الرسمية عبر الحدود.

تصحيح وتجميع

بعد بلوغ الذهب ذروته عند 4398 دولارًا في 20 أكتوبر 2025، تراجع بنسبة 11% إلى 3891 دولارًا قبل أن يرتد إلى 4299 دولارًا في ديسمبر، مدعومًا بتوقعات خفض الفائدة وضعف الدولار، وترى Ventura أن السوق يدخل مرحلة تجميع لا انعكاس، مع عمليات جني أرباح محدودة وإعادة تسعير للمخاطر قبل قرارات محورية مرتقبة.