صوت العرب

مواقف المملكة في العلن والغرف المغلقة - صوت العرب

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مواقف المملكة في العلن والغرف المغلقة - صوت العرب, اليوم الأربعاء 11 ديسمبر 2024 01:22 صباحاً

الإقليم يقف على برميل بارود، قد ينفجر في أي دقيقة. يغلق ملف هنا؛ ويفتح آخر هناك. والعالم بأسره يفتقد للرجاحة.

هو عبارة عن تناقضات تحكمها مصالح دول تزعم أنها عظمى، وهي في الحقيقة فارغة من كل شيء؛ إلا التزييف والخداع والكذب.

هذه سنة الحياة. نعرف الأبيض بوجود الأسود، ونعرف الصدق لوجود الكذب.

سأتحدث هذا اليوم عن السياسة السعودية الخارجية. وهي التي جربت كل الطرق، وربما بلغت بعض الوقت لفقدان الأمل.

لكنها من منطلق مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية، تحملت وزر ذلك، مقابل شعوب المنطقة.

في السياسة ما أن تهزم فقدان الأمل، فهذا يعني أن تسير وفق استراتيجية صحيحة. والأدلة كثر على نجاح الرياض بذلك، مثل ماذا؟ المملكة قدمت في مؤتمر فاس المغربية عام 1981م، مبادرة لجلب السلام لفلسطين، أطلقها آنذاك الملك فهد إبان كان وليا للعهد.

وماذا بعد؟ الموقف الشجاع بوجه صدام حسين حين غزا دولة الكويت عام 1990م. وقبل ذلك مساندة نظام صدام في صراعه مع إيران. وهذا من منطلق المسؤولية الأخوية تجاه العراق.

ومن ثم ماذا؟ جمعت الفرقاء اللبنانيين بعد الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان بين الأشقاء، ونتج عن ذلك اتفاق الطائف الذي لا تزال بيروت تسير وفق منهجيته حتى يومنا هذا.

وجمعت الفصائل الفلسطينية المتناحرة في 2007 ونتج عن ذلك اتفاق مكة، خلال فترة حكم الراحل الملك عبدالله.

وكان للتدخل السعودي بين الجارتين – إثيوبيا وإريتريا – الدور الكبير في أن تضع حرب العشرين عاما أوزارها، عام 2018، ووقع الطرفان اتفاقية سلام أسست لعلاقة جديدة بين الدولتين.

هل توقف الأمر عند هذا الحد؟ لا بالطبع. فقد كان للرياض بإيعاز ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان؛ الصوت الأعلى في إيصال معاناة الشعب الفلسطيني للعالم، بعد فتح آلة النار الإسرائيلية على مدى عام ونيّف.

وطرقت أبواب جُل الأرض للمطالبة بحماية الشعب اللبناني، عقب أن وجهت له النيران نفسها القادمة من تل أبيب.

والسعودية في تلك الإجراءات، المكلفة على الصعيد السياسي في الكثير منها، لم تعتمد في تحركاتها على محاولة كسب الرأي العام العربي، ولا لنيل الإعجاب من هنا أو هناك.

بل إنها تراعي بذلك مسؤولية الدفاع عن العرب، حتى وإن لم تُرَ تلك المبادرات بعين الحاقدين الخضراء، في بعض العواصم العربية. وهذا لا يهم بكل الأحوال.

وهذا يقودنا للنظر إلى وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في العاصمة البحرينية، الذي رأى خلال حضوره منتدى حوار المنامة 2024، أنه إذا كان المجتمع الدولي مهتما بحماية ما تبقى من مصداقية قواعده ومؤسساته، فعليه وضع يده بيد المملكة؛ والدول الإقليمية الجادة في السلام، من أجل ترجمة الأقوال إلى أفعال، وتجسيد حل الدولتين على أرض الواقع.

وذلك يقودنا للعودة لبداية السطور، من حيث عدم مصداقية العالم؛ وأن عددا من الدول ذات التأثير، تعتمد على تكتيكات الأقوال لا الأفعال.

وتفسير حديث وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في جزئية وضع اليد بيد المملكة، تؤكد وضوح السياسة السعودية، الموصوفة بالاتزان، وباعتبارها دولة مؤثرة في شكل الاعتدال الذي يجب أن تكون عليه المنطقة، بدلا من تنامي الصراعات والحروب.

في حقيقة الأمر يجب علينا الاعتراف أن الرصانة السعودية، تعد أمرا مقلقا لبعض الأنظمة. لماذا؟ لأنها عامل ضغط على العالم، حتى تتمتع المنطقة بالأمان والاستقرار، وتنصرف الحكومات والشعوب لتنمية الدول، والعناية بالإنسان.

والصمت المطبق، والمجاملات بإبعاد النظر، عن كل ما يحدث في الإقليم، يفقد القانون الدولي بطبيعة الحال مصداقيته، ويفتح المجال لمزيد من حالة الكراهية الناجمة عن إفلات أطراف بعينها من المحاسبة والعقاب.

ورغم ذلك الواقع المرّ، فالمملكة ماضية في رسالتها، إذ إنها منذ الأزل، تحمل ملف العرب بكل محفل دولي، رغبة منها في تحقيق السلام العادل لشعوب المنطقة، التي بالضرورة أن تنعم بالأمن والاستقرار، لتحين لها الفرص في عملية التطوير والتحديث، للوصول لعالم مسالم ومتجانس، لقطع الطريق على المخططات النابعة من أعشاش الدبابير، التي لا تبقي ولا تذر، ولا تملك أكثر من بث الفتن والوحشية.

أتصور أن المصداقية السعودية والابتعاد عن المراوغة والمكر، هي أحد أهم أسباب رفعان وزن المملكة السياسي، وهي أيضا بالوقت نفسه، الدافع لخلق طبقة مناهضة لأي جهد تقوم به الرياض، في الدوائر الغربية، وحتى العربية.

إن الأسلوب السياسي السعودي ليس طارئا، ولا حديث عهد في ساحات السياسية العالمية؛ حيث الكر والفر وناقضي العهود والوعود، ولا باحث عن مكاسب معينة، ولا يتطلع لاحتلال أو استعمار، ولا يسعى لوضع بصمة نفوذ إلى ما يشاء الله.

هو صورة عن الأخلاقيات التي تتمسك بها الدولة منذ عهد مؤسسها، حتى هذا اليوم، وإلى الغد وما يليه؛ ولأن يرث الله الأرض ومن عليها.

يحق أن أقول في الختام؛ إن بلادي سيدة التاريخ. عمود المنطقة. بنتاغون الشرق الأوسط. من ثقلها لا بد للجميع أن يمر بالرياض. وهي التي لم تخاصم أحدا بفجور، بل تعاملت مع الجميع بحكمة وأدب.

يدور الزمن وهذه الغالية راسية. ثابتة في كل الحالات. هي متن الأرض. لأنها خليلة المؤسس، وحبيبة خادم الحرمين الشريفين؛ ومعشوقة الحفيد الملهم. مواقفها في العلن.. كما هي في الغرف المغلقة.

أخبار متعلقة :