أصدرت دول تجمع السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي، المعروف باسم الكوميسا، تقريرها السنوي للاستثمار لعام 2025، الذي يهدف لتسليط الضوء على تطورات الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة، حيث يتضمن التقرير تحليلاً مدعوماً ببيانات حديثة وتوصيات تتماشى مع خطة التطوير المتوسطة المدى للفترة من 2026 إلى 2030.
تم إعداد التقرير بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، وقد تم الكشف عنه خلال الاجتماع السنوي للمجلس الوزاري للكوميسا في زامبيا، بمشاركة 18 دولة ومؤسسات دولية وإقليمية مثل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي.
أظهر التقرير زيادة ملحوظة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول الكوميسا خلال عام 2024، حيث ارتفعت بنسبة 154% لتصل إلى 65 مليار دولار، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى مشروع رأس الحكمة في مصر، وحتى عند استبعاد هذا المشروع، شهدت التدفقات نمواً بنسبة 16%، مما يعكس تحسن ثقة المستثمرين في المنطقة، كما ارتفعت حصة الكوميسا من الاستثمار العالمي من 2% إلى 4%.
سجل التقرير أيضاً زيادة كبيرة في تمويل المشروعات الدولية، حيث تضاعف ليصل إلى 79 مليار دولار، بزيادة قدرها 93%، مما يشكل أربعة أخماس قيمة المشروعات الممولة في إفريقيا، وتعود هذه الزيادة لتوسع مشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية الكبرى في عدد من الدول مثل مصر وتونس ورواندا ومالاوي.
في الوقت نفسه، حافظت استثمارات مشروعات Greenfield على قوتها، حيث تم الإعلان عن مشروعات بقيمة 77 مليار دولار خلال عام 2024، وهذا يعد ثاني أعلى مستوى في تاريخ الكوميسا، واستحوذت الدول الأعضاء على ثلثي إجمالي قيمة هذه المشروعات في إفريقيا.
رغم هذا النمو، أشار التقرير إلى أن تدفقات الاستثمار لا تزال مركزة بشكل كبير، حيث استحوذت خمس دول فقط هي مصر وإثيوبيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية وكينيا على 90% من إجمالي التدفقات، كما أن الاستثمار بين دول الكوميسا لا يتجاوز 3% من عدد مشروعات Greenfield و6% من قيمتها، مما يحد من قدرة التجمع على تحقيق فوائد تنموية متوازنة.
أظهرت البيانات تبايناً بين القطاعات، حيث سجل قطاع البناء نمواً ضخماً بلغ خمسة أضعاف، بينما ارتفعت استثمارات المعادن الأساسية بنسبة 71%، واستمر قطاع الطاقة والغاز في تصدر الاستثمارات بعد نمو بنسبة 22%، بينما تراجع الاستثمار في قطاع الاستخراج بنسبة 61%، وانخفض استثمار التكنولوجيا والاتصالات بنسبة 55%.
تطرق التقرير أيضاً للاستثمار في القطاعات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة، حيث حققت الطاقة المتجددة نمواً بنسبة 67%، وارتفعت استثمارات الصحة والتعليم بنسبة 130%، في حين شهدت استثمارات نظم الأغذية تراجعاً بنسبة 34%، وانخفضت استثمارات المياه والصرف الصحي بنسبة 76%.
حدد التقرير خمس أولويات لضمان استدامة النمو الاستثماري في الكوميسا، تشمل توسيع قاعدة الدول المستفيدة، ودعم التصنيع وزيادة القيمة المضافة، وتسريع تطوير البنية الرقمية، وتعزيز تنمية رأس المال البشري، وتحسين جودة البيانات.
رحب السفير الدكتور محمد قدح، الأمين العام المساعد للبرامج، بنتائج التقرير، مشيراً إلى أنها تعكس ثقة متزايدة في اقتصادات المنطقة، بينما أكد ريتشارد بولوين، مدير فرع أبحاث الاستثمار في UNCTAD، أن الكوميسا شهدت عاماً استثنائياً رغم التباطؤ العالمي، وأكدت هبة سلامة، الرئيس التنفيذي لوكالة الاستثمار الإقليمية، أن التقرير يمثل أداة استراتيجية لتعزيز تنافسية الإقليم.

