أصدرت غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقريرًا جديدًا يتناول التحديات التي تواجه أنظمة الطاقة في مصر والمغرب وتونس، حيث يقدم تقييمًا شاملًا لمدى استقلالية هذه الدول في مجال الطاقة، ويعرض مسارات واقعية للانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة بعيدًا عن الوقود الأحفوري، وذلك بعد مؤتمر المناخ COP30 الذي لم يحقق التقدم المطلوب في التمويل المناخي أو الالتزامات الخاصة بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

تقييم سيادة الطاقة

يعتمد التقرير على نسخة محدثة من مؤشر سيادة الطاقة، حيث حصل المغرب على 5.5 نقاط من 10، بينما سجلت مصر 4.5 نقاط، وتونس 4.25 نقاط. يكشف المؤشر عن فجوة واضحة في السيطرة على الموارد والطاقة، بسبب النفوذ الكبير للمستثمرين الأجانب الذين يضعون السياسات بما يتناسب مع احتياجات التصدير بدلاً من الأولويات الوطنية. كما يشير التقرير إلى أن مشاريع الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية والرياح الموجهة للأسواق الأوروبية قد تؤدي إلى آثار سلبية على المجتمعات المحلية التي تتحمل الأعباء البيئية والاجتماعية مقابل عوائد محدودة.

يحذر التقرير من استمرار الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري، الذي يلبي 94% من احتياجات الطاقة في مصر، و88% في تونس، و91% في المغرب، كما يستمر تأثير شروط صندوق النقد الدولي على السياسات الطاقية، مما يعيق تحقيق انتقال طاقي مستقل وعادل.

قال جوليان جريصاتي، مدير البرامج في غرينبيس، إن مؤشر سيادة الطاقة يتيح قياس فجوات السيطرة على الموارد بشكل كمّي، وأكد أن التحول نحو الطاقة المتجددة لا يضمن تحقيق العدالة أو السيادة الطاقية، مشيرًا إلى أن المجتمعات المحيطة بمواقع الاستخراج لا تحصل سوى على جزء بسيط من العوائد بينما تتحمل الأضرار الصحية والبيئية.

يطرح التقرير مجموعة من الآليات القانونية والمالية لتحقيق العدالة المناخية، مثل التقاضي الاستراتيجي والتطبيق الفعلي لمبدأ “الملوِّث يدفع”، بالإضافة إلى تخصيص 15 إلى 25% من إنتاج مشاريع الطاقة المتجددة للاستهلاك المحلي، وإنشاء صناديق مجتمعية تعتمد على نسبة من الإيرادات. كما يوضح أن فرض رسم بسيط على أرباح الشركات الكبرى في قطاع الوقود الأحفوري كان يمكن أن يوفر تمويلًا كبيرًا لمشاريع محلية.

يخلص التقرير إلى أن شمال أفريقيا أمام خيارين: إما الاستمرار في نموذج اقتصادي يعتمد على استخراج الموارد تحت مظلة “التحول الأخضر”، أو تبني مسار انتقال طاقي عادل يمنح المجتمعات دورًا أكبر في تحديد كيفية إنتاج الطاقة وكيفية توجيهها، مما يعزز الاستدامة والسيادة على المدى الطويل