شهد العالم في الساعات الأخيرة حدثًا جيولوجيًا نادرًا أثار اهتمام الكثيرين، حيث ثار بركان “هايلي غوبي” في إثيوبيا بشكل مفاجئ، منهياً فترة طويلة من الخمول الجيولوجي في منطقة تعد من أكثر الأماكن عزلةً على كوكب الأرض.

هذا الثوران يعتبر من أبرز الأحداث البركانية في منطقة القرن الأفريقي، ليس فقط بسبب ندرة سجله البركاني، ولكن أيضاً بسبب موقعه الوعر والانبعاثات الضخمة التي ارتفعت إلى ارتفاعات شاهقة، امتدت تأثيراتها لتصل إلى دول عديدة في آسيا والخليج.

بركان في إثيوبيا بيقوم بعد آلاف السنين وأعمدة الرماد وصلت
بركان إثيوبيا

بركان إثيوبيا يستيقظ بعد 12 ألف عام من الصمت

أعلن برنامج علم البراكين العالمي التابع لمؤسسة “سميثسونيان” أن بركان “هايلي غوبي” ثار للمرة الأولى منذ العصر الهولوسيني، وهو ما يقدر بحوالي 12 ألف عام، مما يجعل هذا الحدث نادرًا جدًا في تاريخ الأنشطة الجيولوجية في هذه المنطقة.

لم تسجل أي ثورات سابقة للبركان في العصر الحديث، مما أثار دهشة الباحثين ودفع المراكز العلمية لمتابعة الحدث عن كثب.

يقع البركان في إقليم عفر شمال شرق إثيوبيا، على بعد حوالي 800 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا، ويُعتبر جزءًا من منخفض داناكيل، الذي يُعرف بأنه من أكثر المناطق قسوةً على وجه الأرض.

1764001324 67 بركان في إثيوبيا بيقوم بعد آلاف السنين وأعمدة الرماد وصلت
بركان إثيوبيا

ثوران ضخم يطلق أعمدة رماد وصلت إلى 15 كيلومترًا

وفقًا لمركز تولوز لرصد الرماد البركاني، بدأ الثوران صباح الأحد عند الساعة 8:30 بتوقيت جرينتش، مطلقًا أعمدة كثيفة من الدخان والرماد، بلغ ارتفاعها حوالي 14 إلى 15 كيلومترًا، وهو ارتفاع يضاهي ثورانات كبرى شهدها العالم في العقود الأخيرة

أظهرت بيانات الأقمار الصناعية انبعاث كميات ضخمة من الرماد وثاني أكسيد الكبريت، مما أثار مخاوف علمية بشأن تأثيراته المناخية المحتملة على المدى القصير.

كما أظهرت صور الأقمار الصناعية سحابة كبيرة من الغبار والرماد تمتد فوق البحر الأحمر وصولًا إلى اليمن وسلطنة عمان، مما يدل على قوة الثوران التي لم تكن متوقعة.

1764001324 786 بركان في إثيوبيا بيقوم بعد آلاف السنين وأعمدة الرماد وصلت
بركان إثيوبيا

فيديوهات متداولة ترصد اللحظات الأولى للثوران

تم تداول مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ترصد اللحظات الأولى لثوران البركان، حيث ظهر عمود كثيف من الدخان المتصاعد من فوهته، رغم قوة الثوران، لم تُعلن السلطات الإثيوبية عن أي سقوط ضحايا، حيث يقع البركان في منطقة نائية قليلة السكان.

ما أهمية موقع بركان هايلي غوبي؟

يقع بركان “هايلي غوبي” على بعد 15 كيلومترًا من “إرتا ألي”، أحد أكثر البراكين نشاطًا في العالم، والذي يمتلك بحيرة حمم بركانية دائمة.

لكن على عكس “إرتا ألي”، ظل “هايلي غوبي” خامدًا لفترة طويلة، مما يجعله لغزًا جيولوجيًا مثيرًا للدراسة، ويقع البركان داخل منخفض داناكيل، المعروف بأنه من أكثر بقاع الأرض انخفاضًا وحرارةً.

لماذا يعتبر ثوران بركان إثيوبيا حدثًا استثنائيًا؟

هذا الثوران يُعتبر استثنائيًا لعدة أسباب، منها عدم تسجيل أي نشاط للبركان منذ آلاف السنين، وقوعه في منطقة نائية يصعب دراستها، قوة الانبعاثات البركانية، وامتداد سحابة الرماد إلى مناطق بعيدة.

هذه العوامل دفعت العديد من الباحثين لوصف الحدث بأنه من أكثر الثورانات غرابة في تاريخ المنطقة الحديث.

1764001324 153 بركان في إثيوبيا بيقوم بعد آلاف السنين وأعمدة الرماد وصلت
بركان إثيوبيا

ماذا كشفت بيانات الأقمار الصناعية؟

قدمت الأقمار الصناعية أدلة واضحة على ضخامة الثوران، حيث أظهرت أعمدة رماد عملاقة، انتشار سحابة الرماد عبر البحر الأحمر، وانبعاث مستويات مرتفعة من ثاني أكسيد الكبريت.

تؤكد هذه المعطيات أن ثوران بركان إثيوبيا يتجاوز بكثير ما يمكن تسجيله من على الأرض بسبب صعوبة الوصول إلى موقع الحدث.

هل يشكل بركان هايلي غوبي خطرًا على المنطقة؟

حتى الآن، لا تشير البيانات إلى وجود مخاطر مباشرة على السكان بسبب الطبيعة النائية للمنطقة، ولكن حركة الرماد قد تؤثر على الرحلات الجوية، مما دفع مراكز مراقبة الطيران لإصدار تنبيهات.

كما قد يؤثر انبعاث الكبريت على نوعية الهواء في بعض المناطق التي مرت فوقها سحابة الرماد.

اهتمام علمي عالمي متزايد

جذب ثوران بركان إثيوبيا اهتمامًا علميًا واسعًا، حيث وصفه خبراء البراكين في جامعة ميشيغن بأنه حدث نادر للغاية يستحق الدراسة المعمقة، ويُفتح هذا الثوران الباب لفهم جديد لطبيعة النشاط البركاني في شرق أفريقيا والصدع العظيم.