صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب بعنوان «شرق المتوسط إلى أين؟ دبلوماسية الغاز: لعبة الطاقة والتحالفات»، تأليف الدكتور أحمد السيد عبد الرازق، ويقدمه السفير محمد العرابي، ويقدم الكتاب تحليلًا عميقًا للتحولات الجيوسياسية في منطقة شرق المتوسط، حيث يجمع بين الخبرة الأكاديمية والممارسة الدبلوماسية
أهمية الطاقة في تشكيل التحالفات
يؤكد المؤلف أن الطاقة كانت على مر العصور عنصرًا رئيسيًا في تشكيل الاستراتيجيات العالمية، خاصة بين القوى الكبرى والدول المتحكمة في موارد الطاقة، وفي السنوات الأخيرة، أصبح الغاز الطبيعي في شرق المتوسط عنصرًا محوريًا يعيد تشكيل موازين القوى، مما أدى إلى ظهور تحالفات جديدة تحمل أبعادًا سياسية وأمنية واقتصادية.
ويوضح الكتاب أن تأثير هذه الاكتشافات لم يقتصر على دول الإقليم فقط، بل امتد ليشمل سياسات قوى عظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، مما يزيد من أهمية هذه المنطقة في السياق الدولي.
صراع وتعاون في آن واحد
تُظهر المنطقة طابعًا مزدوجًا، فهي ساحة للصراعات والتنافس، وفي نفس الوقت مكان للتعاون والشراكات، حيث أثارت الثروات الغازية طموحات دولية وإقليمية، مما زاد من تعقيد النزاعات التاريخية، ولكن المؤلف يقدم أيضًا تحليلًا قانونيًا واقتصاديًا يدعم فكرة أن التعاون الإقليمي ليس خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة لضمان استقرار الإقليم وتحقيق مصالح مشتركة.
منذ منتصف القرن العشرين، أصبحت الطاقة محورًا للصراعات ومحاولات السيطرة على المناطق الغنية بها، رغم استخدامها كأداة للتعاون بين المنتجين والمستهلكين، كما يتضح من تجربة منظمة أوبك وبناء منظومة أمن الطاقة الأوروبية.
الاحتياطات الغازية والتحديات السياسية
في مارس 2010، أعلنت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية عن وجود احتياطيات ضخمة من الغاز في شرق المتوسط تقدر بمئات المليارات من الدولارات، ورغم الفرص الاقتصادية التي تحملها هذه الاكتشافات، إلا أن النزاعات البحرية والأزمات السياسية تزيد من مخاوف الصراع الجيوستراتيجي، خاصة مع اهتمام القوى الكبرى بهذه الموارد الحيوية.
تحتوي المنطقة الممتدة بين تركيا وسوريا ولبنان وفلسطين وإسرائيل ومصر وقبرص واليونان على مخزون يقدر بنحو 381 تريليون قدم مكعب من الغاز، مما يجعلها خامس أكبر منطقة في العالم من حيث الاحتياطي، وقد شكلت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الإطار العام لاستغلال هذه الموارد، رغم عدم إلزامها للدول، ونتيجة لذلك، شهدت المنطقة مجموعة من اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية التي ساهمت في تحديد المصالح المشتركة.

