بدأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2025 بحزمة من الوعود الطموحة تهدف إلى خفض الأسعار وتحسين مستوى المعيشة، حيث أظهرت نتائج الانتخابات النصفية السابقة أن التضخم وضغط النفقات كانا من أبرز اهتمامات الناخبين، مما أتاح للديمقراطيين تحقيق مكاسب ملحوظة في ولايات رئيسية.

تعهد البيت الأبيض بإعادة إحياء الصناعة المحلية تحت شعار “أمريكا أولاً”، لكن الأداة الأساسية التي اعتمدت عليها، وهي التعريفات الجمركية، أظهرت تناقضًا واضحًا، إذ أن السياسات الحمائية عادة ما تؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وأسعار السلع، مما يثير استياء المواطنين وفقًا لموقع بيزنس انسايدر.

الرسوم الجمركية

في بداية 2025، أعلنت الإدارة الأمريكية عن سلسلة من الرسوم الجمركية التي وصفت بأنها الأكثر قسوة منذ عقود، حيث شملت 20% على جميع الواردات من الصين و25% على الواردات من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى تعريفات على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات، مما أدى إلى زيادة مباشرة في تكاليف الإنتاج وارتفاع التضخم، وهو ما يتعارض مع الهدف المعلن بخفض الأسعار.

تشير مؤسسات مالية إلى أن هذه السياسات تذكرنا بقانون سموت-هاولي لعام 1930، الذي أسفر عن ردود فعل انتقامية عالمية أدت إلى تفاقم الكساد الكبير.

ميزانية غير مدروسة

كما قارن الخبراء هذه الخطوة بقرارات ليز تراس في بريطانيا عام 2022، حيث أدت الميزانية غير المدروسة إلى انهيار ثقة الأسواق وتراجع الجنيه، مما دفع الحكومة إلى السقوط في فترة قصيرة، وهو ما يبدو أن الإدارة الأمريكية تتجاهله عند فرض سياسات عالية المخاطر قد تؤدي إلى أزمة مشابهة في سوق الأسهم.

تآكل ثقة المستثمرين

لم يقتصر تأثير التعريفات على المستهلكين، بل أدت التقلبات في السياسة التجارية إلى تدمير ثقة المستثمرين، حيث تعتمد مشاريع إعادة توطين الصناعة على استثمارات ضخمة تتطلب استقرارًا سياسيًا، لكن التراجعات السريعة والقرارات المفاجئة جعلت بيئة الاستثمار غير آمنة، مما أوقف أي مكاسب محتملة.

فشل تحمل التكاليف

ركزت الإدارة على حرب الرسوم الجمركية بدلاً من معالجة القضايا الكبرى التي تؤرق الأسر الأمريكية، مثل الإسكان ورعاية الأطفال، رغم أن هذه التكاليف الثابتة تظل تؤثر على شعور الناخبين بالأزمة المعيشية.

توتر بين البيت الأبيض والاحتياطي الفيدرالي

أدت السياسات الجمركية إلى خلق حالة من “حرب الرسائل” بين الإدارة والاحتياطي الفيدرالي، حيث كان البيت الأبيض يسعى لخفض الفائدة لدعم الاستثمار المحلي، بينما كان البنك المركزي يخفض الفائدة لأسباب مختلفة، مما خلق تناقضًا بين سياسة مالية تضخمية وآخرى نقدية توسعية، مما يضع الفيدرالي أمام خيارات صعبة.

أكد موقع بيزنس انسايدر أن الرسوم الجمركية لم تؤدِ إلى “نهضة صناعية”، بل تسببت في ارتفاع الأسعار وتراجع الاستثمار، مما أثر سلبًا على ثقة الناخبين، مما يجعلها واحدة من أكبر الأخطاء الاقتصادية خلال ولاية الإدارة الحالية.