تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا تصعيدًا خطيرًا، حيث أرسلت واشنطن حاملة الطائرات “جيرالد فورد” مع ثلاث سفن حربية إلى مياه أمريكا الجنوبية، في خطوة تعيد للذاكرة أجواء الصراعات الباردة السابقة، مما يثير القلق حول تداعيات هذه التحركات على المنطقة بأسرها.
تصعيد في الخطاب السياسي
تأتي هذه التحركات في ظل تصاعد التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، حيث اتهم ترامب مادورو بإرسال “مجرمين ومرضى نفسيين” إلى بلاده، محذرًا من أن “أيامه في الحكم باتت معدودة”، بينما تعمل وزارة العدل الأمريكية على وضع توجيهات تسمح باستخدام القوة العسكرية دون الحاجة لموافقة الكونغرس.
في المقابل، أعلنت فنزويلا حالة “التعبئة الكاملة”، حيث وضع وزير الدفاع الفنزويلي قواته في “حالة تأهب قصوى”، مع تأكيد استعداده لعمليات عسكرية، حيث تم تهيئة نحو 200 ألف جندي مع نشر مكثف للصواريخ والقوات الجوية والبحرية.
أبعاد الحملة العسكرية
رغم أن واشنطن أكدت أن الهدف من الحملة هو مكافحة تهريب المخدرات، إلا أن حجم الحشد العسكري يوحي بعزم أكبر، فحاملة الطائرات “جيرالد فورد” عادة ما تستخدم في استعراضات القوة وليس في عمليات محدودة، مما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذا الانتشار.
تذكرنا هذه الأجواء بالعمليات السابقة في البحر الكاريبي التي أسفرت عن مقتل 76 شخصًا، حيث وصفتهم واشنطن بأنهم “مهربو مخدرات”، لكن دون تقديم أدلة قوية، مما أثار جدلًا حول قانونية تلك الضربات.
مخاوف من تصعيد داخلي وخارجي
في واشنطن، هناك قلق متزايد من احتمال انزلاق البلاد إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، حيث فشل مشروع قانون لمنع الرئيس من شن حرب ضد فنزويلا بفارق صوتين فقط، بينما أبدت بريطانيا تحفظًا واضحًا، إذ علقت تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الأمريكيين في الكاريبي، وسط مخاوف من استخدام تلك العمليات لتبرير أعمال عسكرية غير قانونية.
التوجهات السياسية خلف الكواليس
يبدو أن بعض مستشاري ترامب يدفعون نحو خيارات أكثر جرأة، تصل إلى الإطاحة بمادورو، إلا أن ترامب نفسه لا يزال مترددًا، حيث يتساءل عن الفوائد التي ستجنيها الولايات المتحدة من هذه الخطوة، مما يعكس اهتمامه بالثروات النفطية الهائلة في فنزويلا.
المنطقة على حافة مواجهة جديدة
مع اقتراب الأساطيل الأمريكية من السواحل الفنزويلية وتزايد الخطاب العدائي، تبدو المنطقة في وضع يتطلب الحذر، حيث يلوح في الأفق احتمال نشوب صراع جديد قد يؤثر على توازن القوى في أمريكا اللاتينية، وما بين تبريرات “مكافحة المخدرات” والطموحات الجيوسياسية، قد تشتعل شرارة حرب جديدة في البحر الكاريبي وتصل تداعياتها إلى ما هو أبعد من شواطئ فنزويلا.

